(دلائل الحق ) القصيدة للدكتور. أمير فاضل سعد

7/29/2019 11:47:00 ص

(دَلَائــــــِلُ الْحَــــقِّ )
                                                                         القصيدة للدكتور. أمير فاضل سعد

إليكم المقدمة ثم القصيدة 
إلى الإنسان الذي يسافر في رحم الزمن الممتد والبعيد.. ولم يولد بعد.. هذه قصيدة في أشواق الروح، وترقيها الدائم إلى الحق، ونزوعها الكبير إلى الحقيقة الخالدة..
لقد استحدثت هذا النص، واستودعته ماء فؤادي، وحنين أوقاتي، واستحفظته أفياءً ظليلة، ومعاني جميلة، 
واستوفيته بأحوال شعورية ألطف من النسيم، وأطْعَم من العافية، وأَشْهَى من الماء البارد، وعشت به تجربة 
روحية أنقى للنفس، وأبقى للحياة، وأوفى للجمال، وأنفذ إلى الحقيقة، وأوصل إلى الحق..
والآن.. وبعد أن استوى -لهذا النص- حاله، واستوفى بنيانه، أقدمه لقارئه؛ٍ ليعيد قراءته بوعيه الخاص، فيجدِّد 
حياة هذا النص بمواقفه الإنسانية والروحية الجديدة، التي قد توازي الموقف الذي عشته فيه، وقد تتجاوزه 
بمسافات كبيرة.. وبعيدة..
وإليك أبيات هذا النص:             
ربَّاهُ .. جَلّ جَلالُكَ وَتَعَالى
مَا فِي الوُجُودِ حَقِيقَةٌ إِلَّاكَ
            * * *                      
أَضْنَانِي فِي سَفَرِي إِلَيْكَ مَعَايِبِي
وَمَصَارِعُ الدُّنْيَا الَّتِي لَمْ تَنْتَهِ
           *  *  *                      
يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَنْ سَوَّاكَ ،
وَسَقَاكَ مِنْ أَنْوَارِهِ وَرَوَاكَ،
ومن الذي لَمْ يَنْسَ فِي تَدْبِيرِهِ
وَمَن الَّذِي فِي الأَرْضِ أَلْقَى رَوَاسِياً
أالله قدَّرَ ذا العَطَاء وَذَاك
       *   *   *
سُبْحَانَ .. قَيُّومُ السَّمَوَاتِ العُلَى
سُبْحَانَ .. مَنْ وَهَبَ الحَيَاةَ لِخَلْقِهِ
سُبْحَانَ .. قَيُّومُ الخَلَائِقِ كُلِّهَا
سُبْحَانَ .. مَنْ يَقْضِي حَوَائِجَ عَبْدِهِ
سُبْحَانَ .. مَنْ هَابَتْ لِسَطْوَتِهِ الوَرَى
       *   *   *
هُوَ .. بَائِنٌ عَنْ خَلْقِهِ فِي عَرْشِهِ
هُوَ .. مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ فِي مُلْكِهِ
       *   *   *
يا فَجْرُ مَنْ وَهَبَ الحَيَاةَ ضِيَاكَ ..
وَمَن الذي  أَحْيا مِنَ الْمَيْتِ ؟، وَمَنْ
وَ مَن الذي - يا ليلُ - أَغْطَشَ لَيلَكَ،
      *   *   *
وَمَن الَّذِي - يَا بَحْرُ - بَثَّ حَيَاةَ مَنْ
وَمَن الَّذِي -يانهر- شَقّكَ أَنْهُراً
      *   *   *
وَمَن الَّذِي سَمَكَ السَّمَوات العُلَى؟
وَمَن الَّذِي – يَا نَجْمُ – أَسْرَجَ ضَوْءَكَ،
آللهُ أَبْدَعَ ذَا الوجُودِ وَحَاكَ
        *  *  *
رَبَّاهُ ..!! هذا الكَونُ مِنْ مَنْشَاكَ
فِي الأرض آيٌ لِلْجَمَالِ تَلَالَا
فالزَّهْرُ نَشْرُ عَبِيْرِهِ مِنْ طِيبِكُمْ..
والبَدْرُ يَسْرِي فِي السَّمَاءِ وَضَوؤُهُ
          *  *  *
وَالشَّهْدُ مَجْنَى رَحِيْقِهِ مِنْ وَحْيِكُمْ
والنَّمْلُ نَادَتْ قَوْمَهَا بِبَيَانِهَا
وَالطَّيْرُ صَفّ إِلى الْمَقَامِ جَنَاحَهُ
        *  *  *
وقضاءُ أمرِكَ في البريَّةِ نَافِذٌ
قَد كَانَ فِي أَهِل الرَّقِيمِ عجائبٌ
وَمَدَدْتَ بالنَّصْرِ الـعَظِيم مُحَمَّدًا
وَوقَيْت في النَّارِ الخليلَ مِن الأَذى
وَجَعَلْتَ في البَحْرِ لموسَى مَسْلَكاً
وَالطُورَ في أُفُقِ السَّمَاء رَفَعْته
وَجَبَرْتَ يَعْقُوبَ لِفَقْدِ حَبِيْبِه
وكشفت عَنْ أَيُوبَ ضُرًّا مسَّهُ
وَالْقَيْتَ فِي لُجَجِ البِحَار يُونُس
فَكَشَفْتَ عَنْ كُرُبَاتِهِ وَحَفِظْتَه
وَارْشَدْتَ قَوْمَهُ للهُدَى مِنْ بَعْدِه
         *  *  *
يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ العَظِيمُ ، وَمَالِكُ
المُلْكُ مُلْكُكَ والسماء سماك
سَجَدَ الوُجُودُ لذَاتِكَ وَرَجَاكَ
         *  *  *
مَا شِئْتَ كَانَ ، وَنَافِذاً مَا شِئْتَهُ
قَدْ كَانَ هَذَا الكَوْنُ قَوْلكَ: "كُنْ" ، وَمَا
تُجْرِي الزَّمَانَ عَلَى الوُجُودِ ، وَمَا أَتَتْ
لا تُدْرِكُ الأَبْصَارُ ذَاتَكَ ، أَوْ بك
شَهِدَتْ لِقُدْرَتِكَ البَرِيَّةُ كُلُّهَا
        *   *   *
يَامَنْ تَكَامَلَ وَصْفُكَ إِذْ لَا تُخَا
يَا مَنْ تَسَامَى فِي السَّمَاءِ ، وَلَا
يَا مَنْ تَعَالَى جَدُّكَ ، وَجَمَالُكَ
المَجْدُ مَجْدُكَ قَدْ عَلا بعلاكَ
                      *  *  *
أَيُوَارِي بَحْرٌ عَنْكَ مَا فِي قَعْرِه؟
أَيُوَارِي جَبَلٌ عَنْكَ مَا فِي وَعْرِهِ؟
أَيُوَارِي عَنْكَ الخَلْقُ نَجْوَى نُفُوسِهِمْ
فَقُلُوبُنَا مُفْضِيَةٌ لِقُوَاكَ
         *   *   *


مَا حِيلَة الخَسْرَانِ إِنْ ضَلَّ الهُدَى
أخَذَتْنِي آمَالي
، وغيبني الرَّدَي
فَأَخَذْتُ أَسْتَجْدِي رِضَا نَفْسِي وَحُبَّ
        *   *   *

يَا نَفْسُ بَكِّي ضَارِعاً مِنْ ذَنْبِهِ
يَا صَاح : مَاذَا فِي الحَيَاةِ دَهَاكَ،
أَسَرَتْكَ باِلشَّهَوَاتِ زِينَتُهَا، وَقَدْ
       *   *   *
هَلْ لِي بِغَيْثِ سَحَابَةٍ تَرْوِيْنَنِي ؟!
كفت عن القطرِ الكريم سحابةٌ ،
مَا يَفْتَحُ الرَّحْمَنُ مِنْ رَحَمَاتِهِ
رَبِّي مَدَدْتُ إِلَيْكَ كفَّ تَضَرُّعِي
أَنَا نَادِمٌ مِنْ سُوءِ مَا اقْتَرَفَت يَدِي
أنَا -يَا إِلَهِي- مُذْنِبٌ نَادَاكَ
         *  *  *
نسْتَفْتِحُ الرَّحْمَنَ أَبْوَابَ السَّمَا
"بك نستجير ولا مجير سواك"
وَإِلَيْكَ مَسْرَى حُبِّنَا وَحَنِيْنِنا
         *  *  *
فالحُبُّ عَالَمُنَا الجَمِيْلُ بِدَاخِلِي
والحُبُّ عَاطِفَةُ الوُجُودِ تَلُفُّنَا
والحُبُّ تَسْبِيحٌ يُسَافِرُ فِي دَمِي 
والحُبُّ مِرقاة نَرُومُ بِهَا السَّمَاء
         *  *  *
يَا مُنْتَهَى الشَّاكِين أَشْكُو عَثْرَتِي
وَأَجِرْنِي من شرٍ هنا.. وهناك..!


وَدَلائِلُ الحَقِّ المبِيْنِ خُطَاكَ
وَالْخَلْقُ فِي سَفَرٍ إِلَى لُقْيَاكَ
          * * *                      
وَسَبَانِـي ذَا الذَّنْبُ الكَبِيرُ وَذَاكَ
عَنْ نَصْبِهَا للغَافِلِيْنَ شِرَاكا
        *   *   *
وَأَبَانَ ظُلُمَاتِ الرَّدَى وَنَهَاكَ ؟
وَإِلَيْهِ فِي دَارِ السَّلامِ دَعَاكَ ؟
حَاجَاتِكَ فِي شَيْبِكَ وَصِبَاكَ ؟
وَحَمَاكَ فِيهَا مِن الأَذَى وَرَعَاك ؟
أم يا إلهي للوجود سواك؟!
     *   *   *
وَلَهُ كَرَائِمُ عَطْفِهِ تَغْشَاكَ
وَبِهَدْيِهِ فِي خَلْقِهِ أَحْيَاكَ
وَإِذَا دَهَتْكَ بَلِيَّةٌ عَافَاكَ
وَإِذَا اسْتَجَرْتَ بِحَولِهِ نَجَّاكَ          
وَشَدِيْدِ نِقْمَتِهِ إِذَا عَادَاكَ
      *   *   *
وَإِذَا أَرَادَكَ نِعْمَةً نَادَاكَ
وَإِذَا أَتَيْتَ لِبَابِهِ حَيَّاكَ

       *   *   *
فَتَنَفَّسَ الصُّبْحُ عَبِيرَ شَذَاكَ ؟
جَلَّا النَّهَارَ ، وَشَقَّ مِنْكَ ضُحَاكَ؟
وَأَفَاضَ مِنْ أَلْطَافِهِ بِدُجَاكَ؟
     *   *   *
فِيْكَ وَبِالمِلْحِ الأُجَاجِ رَوَاكَ؟
وَمَعِينَ عَذْبٍ طَيِّبٍ أَجْرَاكَ؟
      *   *   *
وَاجْرَى النُّجُومَ وَسَيَّر الأفلاك؟
وَسَمَاكَ فِي أَفْلاكِهِ وَعَلَاكَ؟
أَمْ يَا إِلَهِي للوُجُودِ سِوَاكَ ؟!
        *   *   *
وَالخَلْقُ آيَةُ صُنْعِكَ وَبِنَاكَ
وَرَوَائِعُ الخَلْقِ البَدِيعِ حَكَاكَ
وَنَدَاهُ أَخْجَلَهُ جَمِيْلُ نَدَاكَ
فِي الأَفْقِ يَفْتَرِش الْمَدَى بِضِيَاكَ
         *  *  *
وَحَلَاهُ مما قدَّرَتْهُ يَدَاكَ
وَاسْتَرْشَدَتْكَ وَاهْتَدَتْ بِهُدَاكَ
تَحْدُوهُ أَشْوَاقٌ لِمَهْدِ نِدَاكَ
         *  *  *
وَدلائلُ الحَقِ المُبِينِ خُطَاكَ
وَنَشَرْتَ فِي الكَهْفِ لَهُمْ رُحْمَاكَ
حِينَ اسْتَغَاثَ بِحَولِكَ وَقُوَاكَ
وكَفَفْتَ عَنْهُ مَنْ طَغَى وَقَلاكَ
وَشَقَقْتَ لُجَّتَهُ بِضَرْبِ عَصَاكَ
وَسَقَيْتَ مِنْ حَجَرٍ مَنْ اسْتَسْقَاكَ
ووهَبْتَ للبَصَرِ الكَلِيْلِ شِفَاكَ
وشملته بحنانك وعَطَاكَ
وَالقَمْتَهُ أَهْوَالَهَا فدَعَاكَ
وَانْجَيْتَ عَبْداً مُمْسِكاً بُعُرَاكَ
لَولَاكَ مَا نَالُوا الهُدَى لَولاكَ
       *  *  *
الْمُلْكَ الكَبِيْرَ ، وَمُوهِبُ الأَمْلَاكَ
وَالخَلْقُ خَلْقُكَ وَالفضَاءُ فضَاكَ
وَأَتَتْكَ طَوْعاً أَرْضُكَ وَسَمَاكَ
      *   *   *
فِـي الخَلْقِ مِنْ أَقْدَارِكَ وَقَضَاكَ
أعْجَزْكَ هَذَا الخَلْقُ ، أَوْ أَعْيَاكَ
غِيَرُ الزَّمَانِ بِعِزِّكَ وَبَقَاكَ
عَقْلٌ أَحَاطَ بِكُنْهِكَ وَحَوَاكَ
وَفُؤادُ كُلِّ العَارِفِيْنَ وَعَاكَ
          *   *   *
لِطُكَ الظُنُونُ وَلَا هَوىً أَلْهَاكَ
يَخْشَى الدَّوَائِرَ ، وَالوَرَى تَخْشَاكَ
وَاسْتَنْوَرَ الكَوْنُ العَظِيمُ بَهَاكَ
وَتَنَاهَى فِي كُلِّ الوُجُودِ ثَنَاكَ
                      *   *   *
إِذْ مَا تَوَارَى أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ
وَلَدَيْكَ مَا يَخْفَانَا لَا يَخْفَاكَ
وَإِلَيْكَ مَا سَرَّ النُّفُوسَ وَحَاكَ
وَالسِّرُّ عِنْدَكَ مُدْرَكٌ إِدْرَاكاً
     *   *   *

                  
عنــكَ وَاشْقَاهُ الهَوَى فَعَصَاكَ
عَنْ مُلْكِكَ السَّامِي ، وَمَجْدِ عُلَاكَالخَلْقِ عَنْ حُبِّي لَكَ وَرِضَاكَ 

         *  *  *
وَاسْتَصْرِخِي - يَا صَاح - مَنْ أَرْدَاكَ؟!
وَطَوَاكَ فِي ظُلُمَاتِها وَرَمَاكَ؟
- يَا صَاح – أَبْكَى مِنْهَا مَا أَبْكَاكَ!!
      *   *   *
فَعَسَاكَ يَا قَلْبِي تَؤُوبُ عَسَاكَ
وانْتَ الْمُغِيْثُ ، فَمَنْ يُغِيْثُ سِوَاكَ؟!   
للنَاسِ ، مَنْ يَسْطِعْ لَهَا إِمْسَاكاً؟
حَاشَاكَ تَطْرُد تَائِباً حَاشَاكَ
أَنَا تَائِبٌ ، أَنَا عَابِدٌ إِيَّاكَ
فاغفِرْ لِقَلبي إِنْ غَفَى وَنَسَاكَ
         *  *  *
وَنَزَلْنا دَارَ جَنَابِكَ وَحِمَاكَ
 وإليك مسعى غايتي لرضاك
 لِندَاوِي أَمْرَاضَ الرَّدَى بِدِوَاكَ
        *  *  *
وَتَنَفُّسُ الدُّنْيَا بِفَيْضِ رُؤَاكَ
وَقَتِيْلُ أَشْوَاقٍ إِلى رُؤْيَاكَ
وَحَنِينُ مُشْتَاقٍ إِلى لُقْيَاكَ
وَنَذُوبُ فِي حُبِّ "الحَبِيْبِ" هُنَاكَ
         *  *  *
فَارْحَمْ ضَعِيفاً يَحْتَمِي بِحِمَاكَ
أَنْتَ الْمُجِيْرُ ، "ولا مُجِير سِوَاكَ"